إيقاف الطبوبي ومطالب بإقالة قيادات اتحاد الشغل: أزمة تهز المنظمة النقابية الأكبر في تونس
تشهد أروقة الاتحاد العام التونسي للشغل ـ أكبر منظمة نقابية في البلاد ـ صراعًا داخليًا محتدمًا بلغ ذروته خلال الأيام الأخيرة، وسط مطالبات بإقالة الأمين العام نور الدين الطبوبي وعدد من قيادات المكتب التنفيذي، ومحاسبتهم على خلفية ما وُصف بـ”الانقلاب على قوانين المنظمة والصفقات المشبوهة”.
فصل 20 .. فتيل الأزمة
تعود جذور الأزمة إلى تنقيح الفصل 20 من النظام الأساسي للاتحاد (المعروف سابقًا بالفصل 10)، الذي يمنع الترشح لأكثر من دورتين متتاليتين. حيث تمكنت القيادة الحالية، وفق معارضيها، من تمريره خلال مؤتمر استثنائي في ظروف استثنائية زمن جائحة كورونا، ما اعتبره خصوم الطبوبي “صفقة سياسية مقابل تسهيلات حكومية”.
بوعيشة يكشف المستور: “مقايضة السلطة بالمنظمة”
في تصريح مثير أدلى به النقابي الطيب بوعيشة، اتّهم القيادة الحالية بـ”المتاجرة بحقوق العمال مقابل البقاء في المناصب”، مشيرًا إلى أن تمرير الفصل 20 تم بتدخل مباشر من أطراف حكومية، رغم فرض حظر التجول آنذاك.
وقال بوعيشة إن السلطات سهلت عقد المؤتمر في سوسة عام 2021، في حين كانت الأنشطة الجماعية ممنوعة، ما اعتبره دليلاً على “تحالف غير معلن” بين القيادة النقابية والسلطة التنفيذية.
تصفية الخصوم.. بالتجميد والتهم الملفقة
اتهم بوعيشة قيادة الاتحاد بـ”تصفية المعارضة من الداخل”، من خلال:
التلاعب بالانخراطات لضمان حضور الموالين فقط في المؤتمرات.
نقل أسماء من نقابة لأخرى بشكل غير قانوني.
تجميد خصوم بسبب تدوينات على فيسبوك.
إقصاء رموز نضالية كانت في الصفوف الأمامية للحراك الاجتماعي.
اتحاد فقد شعبيته.. وإضرابات بلا صدى
واعتبر بوعيشة أن نتيجة هذه الممارسات كانت كارثية: ضعف الاتحاد، تراجع الثقة الشعبية، وفشل التحركات الميدانية. ويضرب مثالًا بضعف المشاركة في تحرك غرة ماي 2025، وغياب التفاعل مع دعوات الإضراب التي لم تُفعّل ميدانيًا.
الامتيازات.. “السر وراء التمسك بالمناصب”
يرى المعارضون أن التمسك بالمناصب سببه جملة من الامتيازات الباذخة، من بينها:
سيارات فخمة تتجاوز قيمتها 150 ألف دينار.
منحة وقود 300 لتر شهريًا.
منح مالية تصل إلى ألف دينار وأكثر شهريًا.
اجتماعات في فنادق 5 نجوم، رغم توفر قاعات ممتازة في مقر المنظمة.
سفريات خارجية دورية، واستغلال النفوذ لقضاء المصالح الخاصة.
خارطة طريق لإصلاح الاتحاد
اقترح الطيب بوعيشة خارطة طريق تشمل:
إقالة القيادة الحالية ومحاسبتها قضائيًا وتنظيميًا.
إلغاء تنقيح الفصل 20 والعودة للنظام الداخلي لسنة 2017.
رفع العقوبات على كل النقابيين المُقصين.
إلغاء الامتيازات الممنوحة للمسؤولين النقابيين.
تحرير القرار النقابي من المركزية المطلقة.
ويختم قائلًا:
“قالوا إن رحيلهم سيتسبب في انهيار الاتحاد، لكن بقاؤهم هو الانهيار بعينه”.