تدوينة لـ لطفي العماري..تشعل زوبعة من الجدل..وتطورات متسارعة في الملف..
يشكل الدعم للقضية الفلسطينية أحد الركائز الأساسية في السياسة الخارجية للعديد من الدول العربية والإسلامية، لكن هذا الدعم يجب أن يوازن مع متطلبات السلامة الوطنية والاستقرار الداخلي.
تبرز هذه المعضلة بشكل واضح في النقاشات الدائرة حول أشكال التضامن مع فلسطين، حيث يتعارض في بعض الأحيان الدعم المبدئي مع المصالح الوطنية والأمن القومي.
سؤال لطفي العماري؟
في هذا السياق، أثار الإعلامي لطفي العماري جدلًا على منصّات التواصل إثر تدوينة خاطب فيها المشاركين في أسطول الصمود متسائلًا: “تريدون دعم غزّة أم تحويل تونس إلى غزّة؟”.
وهو ما خلف عديد التفاعلات بين من أيّد فكرة العماري وتحدث عن “عديد نقاط الاستفهام التي تحوم حول هذا التحرك ومن يقف وراءه”، وبين مؤيد لسؤال العماري واعتبره سؤالا جديرا بالطرح وبين مستنكر ومهاجم لـ الكرونيكور..
وجاءت التدوينة تزامنًا مع تعرّض إحدى كبريات سفن الأسطول الراسية بميناء سيدي بوسعيد للاستهداف للمرّة الثانية، ما فتح نقاشًا عامًا حول الأمن القومي وحدود التعبير التضامني مع فلسطين.
بين العقلانية والشعبوية..
في التفاعلات، ساند جزء من المعلّقين طرح العماري واعتبره “صوت عقل وحكمة»، محذّرين من «جرّ البلاد إلى صراعات تتجاوز إمكاناتها” وداعين إلى تحكيم العقل وترتيب الأولويات الاقتصادية والاجتماعية داخليًا.في المقابل، هاجمه آخرون واتّهموه بـ”المبالغة والشعبوية”، مؤكدين أنّ التضامن مع غزّة لا يعني الإضرار بمصالح تونس، وداعين إلى الفصل بين الدعم المبدئي للقضية الفلسطينية ومتطلبات سلامة البلاد واستقرارها.
تأجيل موعد الانطلاق
ويأتي هذا السجال في ظل مستجدّات ميدانية مرتبطة بالأسطول، إذ أعلن محمد أمين بالنور، عضو الهيئة التسييرية، تأجيل الانطلاق نحو غزّة إلى يوم الجمعة 12 سبتمبر لأسباب لوجستية ومناخية، مع إبحار الأسطول مؤقتًا إلى ميناء بنزرت يوم الخميس لاستكمال الصيانة وتنظيم توزيع المشاركين. كما شهدت منطقة سيدي بوسعيد توافدًا لآلاف المساندين في أجواء احتفالية رُفعت خلالها الأعلام الفلسطينية وردّدت شعارات التضامن.
وتأتي هذه التطوّرات على وقع إعلان وزارة الداخلية أنّ الاعتداء على السفينة بميناء سيدي بوسعيد “مدبّر”، مع مواصلة الأبحاث والتحرّيات لكشف المخطّطين والمتواطئين والمنفّذين.
انقسام في الرأي العام
في المحصّلة،يعكس الجدل الدائر انقسامًا في الرأي العام بين من يقدّم اعتبارات الأمن والاقتصاد الوطني ومن يصرّ على مضامين الدعم للفلسطينيين،وسط دعوات إلى إدارة الملفّ بقدر أعلى من الرصانة المؤسسية والشفافية المعلوماتية،وبما يضمن سلامة البلاد ويحفظ حقّ التعبير والتضامن.
ضرورة الفصل
من جانبنا، نؤكد أن الفصل بين الدعم المبدئي للقضية الفلسطينية ومتطلبات سلامة البلاد واستقرارها ليس عملية سهلة،لكنها ضرورية لضمان أن لا يأتي الدعم على حساب المصالح الوطنية من خلال آليات مثل الدبلوماسية الواقعية والتوعية العامة والتعاون الإقليمي،يمكن للدول أن تدعم القضية الفلسطينية بشكل فعال دون تعريض أمنها واستقرارها للخطر.
والنقاش الدائر في تونس حول أسطول الصمود يظهر أن هذا التوازن ممكن،لكنه يتطلب إرادة سياسية ونضجًا في النقاش العام.