أخبار وطنية

مفاجأة / سعر خيالي لزيت الزيتون هذا الموسم …

مفاجأة / سعر خيالي لزيت الزيتون هذا الموسم …

يبدو أنّ موسم الزيتون لهذه السنة سيكون مختلفًا عن المواسم السابقة، لا فقط من حيث وفرة الإنتاج، بل أيضًا من حيث الأسعار التي يُنتظر أن تشهد تراجعًا ملحوظًا خلال الأسابيع القادمة.

فحسب ما كشفت عنه الخبيرة الاقتصادية والأكاديمية خلود التومي، من المرجّح أن ينخفض سعر لتر زيت الزيتون إلى حوالي 9 دنانير، وربما أقل، وهو ما قد يخلق مفارقة واضحة بين فرحة المستهلك وقلق الفلاح.

التومي أوضحت أنّ هذا الانخفاض لا يعود إلى سبب واحد، بل إلى عدة عوامل متشابكة. أولها تراجع الأسعار في السوق العالمية بعد موجة من الركود شملت مختلف الدول المنتجة، وثانيها تكدّس كميات كبيرة من الزيت المخزّن من الموسم الماضي، حيث لم يتمكّن المنتجون من تسويقها بالكامل، وثالثها وفرة الصابة الجديدة التي تُعدّ من بين الأكبر في السنوات الأخيرة.

ورغم أن هذه المؤشرات قد تبدو إيجابية للمستهلك التونسي الذي يعاني من ارتفاع الأسعار منذ فترة، إلا أن الوجه الآخر للصورة أقل إشراقًا. فالخبيرة حذّرت من أنّ تراجع الأسعار في الخارج قد يُضرّ بالاقتصاد التونسي، نظرًا لاعتماد البلاد بشكل كبير على تصدير زيت الزيتون كمصدر رئيسي للعملة الصعبة.

وأضافت أن ضعف الطلب العالمي، خصوصًا من الأسواق الأوروبية والآسيوية، زاد من حالة الركود، في حين يواصل الزيت الإسباني السيطرة على حصّة ضخمة من السوق العالمية بفضل الأسعار التنافسية والدعم الحكومي الكبير الذي يحظى به هناك.

ولم تتوقف الصعوبات عند هذا الحدّ، إذ أشارت التومي إلى أن خسارة السوق الأمريكية مثّلت ضربة موجعة للقطاع، بعد فرض رسوم جمركية إضافية على المنتجات التونسية، ما جعلها أقل قدرة على المنافسة. هذا الوضع، تقول الخبيرة، ستكون له انعكاسات مباشرة على الفلاحين الذين يعيش أغلبهم حالة من الضغط بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج وغلاء مستلزمات الجني والحصاد والنقل.

وأضافت بوضوح:

“إذا تم بيع لتر الزيت بـ9 دنانير أو أقل، الفلاح ما يغطيش حتى مصاريف الموسم. برشا منهم ممكن يخزّنوا الزيت وما يبيعوش، في انتظار تحسّن الأسعار.”

وفي هذا السياق، دعت التومي إلى تدخل عاجل من الدولة لضبط سعر مرجعي عادل يراعي كلفة الإنتاج، ويحمي الفلاح من الخسارة، مشدّدة على أن توازن السوق المحلية لن يتحقق إلا عبر سياسة وطنية تضمن العدالة بين المستهلك والمنتج.

من جانبه، أكّد فتحي بن خليفة، المستشار الاقتصادي لرئيس اتحاد الفلاحين، أن الموسم الحالي يبشّر بصابة استثنائية قد تصل إلى 500 ألف طن من الزيتون، وفق تقديرات وزارة الفلاحة. وأضاف أن هذا الرقم قد يتجاوز التوقعات في السنوات القادمة بفضل المزارع الجديدة التي أُنشئت في ولايات مثل قفصة وسيدي بوزيد والقيروان منذ سنة 2023، والتي بدأت الآن تعطي ثمارها الأولى.

ويرى بن خليفة أن تونس تتّجه تدريجيًا نحو مرحلة جديدة قد يصبح فيها معدل الإنتاج السنوي في حدود 500 ألف طن بصفة ثابتة، وهو ما يتطلّب رؤية استراتيجية واضحة لتخزين الزيت وتثمينه وضمان تسويقه، سواء داخل تونس أو في الخارج.

وأكد في هذا الإطار أن نجاح هذه المرحلة يمرّ عبر تأمين الموارد المالية والبشرية والفنية اللازمة، وتوفير البنية التحتية التي تسمح باستيعاب الإنتاج وتصديره في أفضل الظروف.

وفي جانب آخر من تصريحه، ذكّر بن خليفة بأهمية زيت الزيتون في الاقتصاد الوطني، واصفًا إياه بأنه “الذهب الأخضر لتونس”، لما له من دور محوري في جلب العملة الصعبة وتوفير آلاف مواطن الشغل. وأشار إلى أن استهلاك التونسيين لا يتجاوز 30 ألف طن سنويًا فقط، في حين تستورد البلاد حوالي 250 ألف طن من الزيوت النباتية الأجنبية التي اعتبرها “مجهولة الجودة ومضرّة بالصحة”.

وختم بن خليفة بتوجيه دعوة صريحة للدولة لتغيير سياسة الدعم الحالية، قائلاً:

“من غير المعقول ندعم الزيوت المستوردة ونخلي زيتنا المحلي ينهار… لازم الدولة تشجع زيت الزيتون التونسي لأنه منتوج صحي ووطني، وهو أساس أمننا الغذائي.”

وبين فرحة المواطن المنتظر لانخفاض الأسعار، وحيرة الفلاح الخائف من الخسارة، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستتحرّك الدولة سريعًا لإنقاذ الموسم وضمان العدالة بين الطرفين؟

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

‎يُرجى السماح بعرض الإعلانات على موقعنا الإلكتروني ‎يبدو أنك تستخدم أداة لحظر الإعلانات. نحن نعتمد على الإعلانات كمصدر تمويل لموقعنا الإلكتروني