حسبنا اللّه ونعم الوكيل فيكم يا صوناد !!!

حسبنا اللّه ونعم الوكيل فيكم يا صوناد !!!

محسن العكروت
محقق جودة وأستاذ تعليم عال

لا أتحدّث اليوم عن تعريفة شركة “الصوناد” المشطّة، ولا عن نظام الفوترة التصاعدي الجائر، ولا عن التسريبات المستفحلة التي تفسد شوارعنا وتُترك أحيانًا لأسابيع دون تدخل، ولا عن ضعف تدفّق المياه ورداءة جودتها في العديد من الأحياء. فهذه المواضيع أصبحت من المسلّمات المؤلمة التي تعوّدنا عليها، وتطرّقت إليها مرارًا في مداخلات سابقة.

لكن ما يدفعني اليوم للكتابة هو ممارسات وصفتها بالممنهجة، والتي لا يمكن تسميتها إلا ابتزازًا للمواطن، تحت غطاء قانوني هش، وبلا حسيب أو رقيب. إذ لا تخفى على أحد الطريقة المعتمدة في فوترة استهلاك الماء، والتي تُحسب على قاعدة استهلاك لمدّة ثلاثة أشهر (91 أو 92 يوما على أقصى تقدير). لكن، في الواقع، نجد أن رفع العدّادات لا يتم في هذه الآجال، بل يخضع لعشوائية مطلقة: فترةٌ تقلّ عن شهرين أحيانًا، وتفوق الأربعة أشهر في أحيان أخرى!

وهنا يكمن الخلل والظلم. إذ يجد المواطن نفسه قد استهلك “قهرا” كميات مياه تدفع به إلى شريحة تسعيرية أعلى، مما يُضاعف قيمة الفاتورة بسبب فارق استهلاك كان يمكن تفاديه لو تمّ رفع العدّاد في الأجل القانوني.

إن التذرع بنقص الأعوان المكلّفين برفع العدّادات لا يبرّر هذا التجاوز، بل يزيد من عمق الأزمة ويكشف عن سوء الحوكمة داخل المؤسسة. والأسوأ أن المواطن يتحمّل تبعات هذا القصور من ماله وجهده، بينما تُنسب هذه الإيرادات الإضافية إلى تحسين الموازنات المالية لشركة تعاني أصلاً من عجز بسبب التسريبات والإهدار وسوء التصرّف، بل وتُمنح أعوانها امتيازات على حساب دافعي الفواتير، منها مجانية الاستهلاك!

وأمام هذه الممارسات، يُطرح السؤال المشروع:
أين رقابة الدولة؟ ولماذا لا تُجبر هذه الشركة العمومية على احترام آجالها القانونية في رفع العدادات، أسوة بشركة الكهرباء والغاز (الستاغ)؟
ثم لماذا لا يقع تضمين تاريخي رفع العدّاد (السابق واللاحق) في الفواتير، حتى يتمكّن المواطن من مراقبة فترته الفعلية، كما هو معمول به في فاتورة الكهرباء؟

إن كانت الشركة مصرّة على نظام الفوترة التصاعدي، فعليها التزام قواعده بشفافية وعدالة، وإلا فالأجدر بها أن تعود إلى النظام السابق. إذ لا يمكنكم التلويح بعصا التسعيرة دون تقديم الحد الأدنى من العدالة في المقابل.

فكما تحرصون على استخلاص مستحقاتكم، احرصوا على صيانة ثقة المواطن في مؤسسته الوطنية، وعلى الحدّ من الإحساس العام بأننا ندفع ثمن فوضى لا نشارك في صنعها.

حسبنا الله ونعم الوكيل…

Exit mobile version