
قضية رحمة لحمر: معلومات صادمة يكشفها والدها
لا تزال قضية مقتل الشابة رحمة لحمر تثير الكثير من الجدل والتساؤلات، بعد مرور خمس سنوات على الجريمة التي هزّت الرأي العام التونسي سنة 2020. ومع المستجدات القضائية الأخيرة، المتمثلة في إصدار بطاقة إيداع بالسجن ضد رجل الأعمال مهدي بن غربية وعدد من المتهمين، ظهرت معطيات جديدة وصفها والد الضحية بـ”الخطيرة”، قد تغيّر مجرى التحقيقات.
وفي حوار أدلى به لجريدة الشروق، كشف والد رحمة لحمر عن معلومات صادمة حول الأسباب المحتملة لقتل ابنته، مشيراً إلى أنها اطّلعت على معطيات حساسة وخطيرة تتعلق بشبكات إجرامية تنشط في تجارة المخدرات وغسيل الأموال، لها ارتباطات بعصابات ومنظمات نافذة، وبعض أفرادها يعملون داخل الشركة التي كانت تشتغل فيها ابنته.
رحمة دخلت إلى نظام الشركة وفضحت ” الخور”
وأكد والد الضحية أن ابنته، التي كانت تشتغل في إحدى الشركات التابعة لرجل الأعمال مهدي بن غربية، تمكّنت من الدخول إلى النظام المعلوماتي الداخلي للشركة (السيستم)، وهناك اكتشفت عمليات مشبوهة وصفها بـ”الخور الكبير”، من بينها تحويلات مالية غير مبررة، ووثائق تثبت تورّط أطراف نافذة في أنشطة غير قانونية.
وأضاف: “رحمة لم تكن مجرد موظفة، كانت ذكية وواعية، وقد أدركت ما اكتشفته، لكنها لم تكن تدري أن ذلك سيكلّفها حياتها”.
“تم اقتيادها إلى منزل تابع لبن غربية قبل قتلها”
في تطور لافت، كشف والد رحمة أن ابنته تم اقتيادها إلى منزل يُعرف باسم “منزل الأوتيك”، وهو على ملك مهدي بن غربية، بحسب تعبيره، وهناك احتُجزت وتعرضت للتعنيف والتهديد، قبل أن يتم تنفيذ الجريمة.
وتعزز هذه المعطيات الجديدة ما أكده الأستاذ الطيب بالصادق، القائم بالحق الشخصي عن عائلة الضحية، الذي أشار في تصريح لإذاعة موزاييك يوم السبت 17 ماي 2025، إلى أن الجريمة لم تكن فردية، بل ارتُكبت من طرف وفاق إجرامي منظم، يضمّ العديد من الأفراد الذين استعملوا سيارات وأدوات تقنية للتخطيط والتنفيذ والإخفاء.
إصدار بطاقات إيداع لـ31 شخصًا وتهم ثقيلة
بحسب تصريح الأستاذ بالصادق، فإن قاضي التحقيق أصدر بطاقات إيداع بالسجن في حق 31 شخصاً، في طليعتهم مهدي بن غربية، تنفيذاً لقرار دائرة الاتهام الذي صدر سنة 2023، بعد أن تم تأييده مؤخراً من قبل محكمة التعقيب إثر طعون تقدّمت بها هيئة الدفاع.
وتشمل التهم الموجهة للموقوفين:
تكوين وفاق إجرامي بقصد الاعتداء على الأشخاص والممتلكات
القتل العمد مع سبق الإصرار والترصّد
الاغتصاب تحت التهديد واستعمال العنف
السرقة الموصوفة بالعنف الشديد المتبوعة بالموت
تعمد إخفاء أدلة الجريمة
والمشاركة في جميع الجرائم المذكورة
وقد تم تصنيف هذه الجرائم استناداً إلى فصول متعددة من المجلة الجزائية التونسية، من بينها: 32، 131، 132، 158، 204، 227، 237، 258، 260 و261.
أدلة تقنية وتسجيلات كاميرا تثبت الجريمة
أوضح الأستاذ بالصادق أن التحقيقات شملت تحليل الهواتف المحمولة للمتهمين، واستخراج تسجيلات كاميرات المراقبة في محيط الشركة ومنزل الأوتيك، بالإضافة إلى التساخير الفنية. وقد أظهرت هذه الأدلة تورّط أطراف متعددة في التخطيط والتنفيذ، وأكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن الجريمة لم تكن عفوية أو معزولة.
وأضاف أن الملف يحتوي على مظروفات سرّية وأدلة تؤكّد أن الجريمة تمت بتنسيق داخلي وخارجي، مع محاولات لتضليل العدالة وإخفاء المعطيات.
شبهات تلاعب ومحاولات طمس الحقيقة
أشار المحامي بالصادق إلى أن ملف القضية تعرّض خلال السنوات الماضية إلى محاولات تلاعب وتضليل، خاصة من حيث توجيه الأبحاث نحو فرضية الجريمة الفردية. إلا أن المعطيات الجديدة التي قدمها والد الضحية، مدعومة بأدلة تقنية، تعزز فرضية تصفية الضحية بسبب اطلاعها على معلومات حساسة تهدد مصالح شبكة إجرامية منظمة.
مطالب بالعدالة وكشف كل المتورطين
عائلة الضحية، وعلى لسان والدها ومحاميها، تؤكد تمسّكها بكشف كل خيوط الجريمة دون استثناء، وتطالب السلط القضائية بمواصلة التحقيق بكل حياد وصرامة، دون أي تأثيرات سياسية أو اقتصادية.
ويتابع الرأي العام التونسي هذه القضية عن كثب، وسط حالة من الصدمة، وغضب شعبي متجدّد، ودعوات إلى محاسبة كل من له علاقة بالجريمة، أيًّا كان منصبه أو نفوذه.