من هو هاشم صفي الدين المرشح لخلافة حسن نصر الله
من هو هاشم صفي الدين المرشح لخلافة حسن نصر الله
مع الإعلان المزلزل عن اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، تتجه الأنظار الآن إلى هاشم صفي الدين، الرجل الثاني في الحزب والشخصية الأبرز لخلافة نصر الله.
يعتبر صفي الدين واحدًا من الشخصيات القيادية المؤثرة التي صنعت تاريخ الحزب وتوجيهاته الاستراتيجية على مدى عقود.
بفضل خلفيته السياسية والعسكرية الواسعة، يُنظر إلى صفي الدين على أنه الخليفة المحتمل الذي سيواصل قيادة الحزب في مرحلة جديدة ومصيرية.
الخلفية الشخصية والدينية
وُلد هاشم صفي الدين عام 1964 في مدينة دير قانون النهر بجنوب لبنان، لعائلة دينية ذات تأثير واسع في الجنوب.
تتلمذ صفي الدين في الحوزة الدينية بمدينة النجف، أحد أهم المراكز الشيعية في العالم، حيث درس العلوم الدينية والشرعية على يد كبار المراجع الشيعية.
هذه الخلفية الدينية والعلمية منحت صفي الدين شرعية دينية واسعة داخل الأوساط الشيعية، وهو ما ساعده في بناء قاعدة دعم قوية داخل الحزب.
كما أن ارتباطه العائلي بحسن نصر الله، كونه ابن خالته، أسهم في تعزيز موقعه القيادي في الحزب، إذ كان قريبًا من الرجل الأول على المستوى الشخصي والسياسي، مما جعل انتقال القيادة إليه محتملًا ومقبولًا من قبل قاعدة الحزب.
صعوده داخل حزب الله: المناصب والمسؤوليات
انضم صفي الدين إلى صفوف حزب الله في بداياته، وسرعان ما برز كلاعب أساسي في هيكلية التنظيم.
كانت أولى مسؤولياته البارزة تعيينه لرئاسة منطقة بيروت للحزب عام 1994، حيث تمكن من توجيه وتنظيم العمل العسكري والاجتماعي للحزب في تلك المنطقة الحساسة.
ثم في عام 1995، تولى رئاسة مجلس المقاومة المسؤول عن النشاط العسكري لحزب الله، مما جعله في قلب التخطيط الاستراتيجي للعمليات العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان.
في هذا المنصب، أشرف صفي الدين على العديد من العمليات العسكرية الكبرى التي عززت من سمعة الحزب كقوة مقاومة ضد إسرائيل.
في عام 1998، رُقي صفي الدين ليصبح عضوًا في مجلس الشورى، وهي الهيئة العليا التي تشرف على سياسات الحزب وتوجهاته.
وفي نفس العام، تولى رئاسة المجلس التنفيذي للحزب، وهو منصب يجعله المسؤول عن إدارة كافة الشؤون التنظيمية والإدارية لحزب الله.
هذه الترقية جعلته الرجل الثاني في الحزب بعد حسن نصر الله، وأحد أهم صانعي القرار في التنظيم.
كما تولى صفي الدين رئاسة المجلس الجهادي للحزب، الذي يُعد أعلى هيئة في التنظيم العسكري للحزب.
تحت قيادته، أصبح حزب الله أكثر تطورًا في قدراته العسكرية والتكتيكية، حيث لعب دورًا حاسمًا في تنسيق العمليات العسكرية ليس فقط في لبنان، بل أيضًا في سوريا والعراق.
وفي نوفمبر 2010، تم اختياره قائداً عسكريًا لمنطقة الجنوب، وهو الموقع الأكثر حساسية في الحزب نظرًا للتوترات المستمرة مع إسرائيل.
في هذا المنصب، كان صفي الدين مسؤولًا عن التحضير والتخطيط لأي مواجهات محتملة مع إسرائيل، وقيادة القوات العسكرية المنتشرة على الحدود الجنوبية.
العلاقات الإقليمية والدولية
لعب صفي الدين دورًا حاسمًا في توثيق العلاقات بين حزب الله وإيران، حيث يعتبر أحد أهم قنوات الاتصال بين قيادة الحزب والحرس الثوري الإيراني، الذي يُعد الداعم الرئيسي للحزب. خلال السنوات الأخيرة، عزز صفي الدين هذه العلاقة من خلال دوره في التنسيق بين الحزب وإيران في قضايا مثل الحرب في سوريا، حيث شارك حزب الله بشكل فعال في دعم نظام بشار الأسد. كما يتمتع صفي الدين بعلاقات وطيدة مع القيادة السورية، وكان له دور كبير في تنظيم عمليات الحزب داخل الأراضي السورية خلال الحرب الأهلية.
ساهم في وضع استراتيجيات الحزب العسكرية في سوريا، التي لعبت دورًا كبيرًا في استعادة العديد من المناطق لصالح النظام السوري.
التحديات المستقبلية
كخليفة لحسن نصر الله في حال توليه قيادة حزب الله بعد اغتيال حسن نصر الله، سيواجه هاشم صفي الدين تحديات هائلة على المستويين الداخلي والإقليمي.
على المستوى الداخلي، سيكون عليه الوقوف من جديد بعد زلزال التصفيات الأخيرة لصفوة قياداته فضلا عن أمينه العام حسن نصر الله .
يحتاج الرجل إلى تعزيز وحدة الحزب وتماسكه في ظل التوترات السياسية والاقتصادية التي يشهدها لبنان، حيث يعيش الحزب في بيئة مليئة بالضغوط الدولية والمحلية.
ستتطلب هذه المرحلة قيادة حذرة ومتزنة، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة والأزمة المالية في البلاد.
أما على المستوى الإقليمي، سيكون صفي الدين مسؤولاً عن استمرار الاستراتيجية العسكرية لحزب الله في مواجهة إسرائيل والتطورات في سوريا والعراق. كما سيحتاج إلى تعزيز التحالفات الإقليمية مع إيران وسوريا، والعمل على الحفاظ على الدعم اللوجستي والعسكري الذي تقدمه طهران. بالإضافة إلى ذلك، فإن العقوبات الدولية المفروضة على صفي الدين وعلى حزب الله ستظل تشكل تحديًا كبيرًا.
فقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليه في ماي 2017 بسبب دوره القيادي في الحزب ودعمه المادي للحزب، متهمة إياه بالتورط في أنشطة “إرهابية”.
كما فرضت دول الخليج عقوبات مماثلة عليه، مما يزيد من الضغوط الدولية على الحزب ويعزز العزلة الاقتصادية.
الإرث والمستقبل
يعتبر هاشم صفي الدين شخصية براغماتية توازن بين الرؤية الدينية والسياسية.
تحت قيادته، من المتوقع أن يستمر حزب الله في تعزيز موقعه كقوة إقليمية رئيسية مع الحفاظ على دوره كفاعل سياسي داخلي في لبنان. يعتمد مستقبله على قدرته على التكيف مع الظروف الإقليمية المعقدة والاستمرار في بناء التحالفات الدولية التي دعمت الحزب على مدى عقود.
في ظل الفراغ الذي تركه اغتيال حسن نصر الله، سيكون على صفي الدين أن يتحمل مسؤولية قيادة الحزب في واحدة من أصعب مراحله التاريخية، وهو تحدٍ سيكون فيه العنصر الحاسم هو الحفاظ على تماسك الحزب ومواصلة نهج المقاومة الذي تبناه منذ تأسيسه